تكنولوجيا زراعة الصحراء هى الأساليب و الفنون المتبعة فى زراعة البيئة الصحراوية للحصول على أفضل عائد من الزراعة فى هذة البيئة .
ما هو أستصلاح و تحسين الأراضى ؟
أستصلاح الأراضى هو أصلاح عيب واحد أو أكثر للأرض يعيق الزراعة و يقلل أنتاجية الأرض .
ليكن موضوعنا أذن هو تكنولوجيا زراعة الصحراء و ليس أستصلاح الأرض لأن تكنولوجيا زراعة الصحراء مفهوم أوسع و أشمل و أعم و هو ما نحتاج ألية و نطبقة دائما فى جميع الأوقات بينما يكون أستصلاح الأرض جزء من تكنولوجيا زراعة الصحراء نلجأ ألية فى حالة وجود عيب بالأرض يحتاج لأصلاحة .
أهم أساليب زراعة الصحراء
و نعنى بها الأساليب الملائمة للبيئة الصحراوية أو تلك التى تعدل الظروف البيئية الى ظروف أنسب .
و حتى تكون الرؤية للموضوع أوضح فلابد من التعرف أولا على البيئة الصحراوية
الصحراء ظاهرة مناخية أى أن الأحوال المناخية هى التى كونتها أبتداء . المناخ يتكون من عدة عناصر منها درجة الحرارة و الرياح و الرطوبة و البخر و غير ذلك .
يتراوح مناخ الصحراء بين الجاف و الشديد الجفاف .
توجد عدة تعريفات للعلماء عن الجفاف و بالتالى تم وضع دليل الجفاف أى المعادلة التى نحسب بها درجة جفاف أى منطقة . يتم تقدير الجفاف بناء على عنصرين من عناصر المناخ لهما أهمية بالغة فى الزراعة و هما التساقط أى هطول المطر و البخرنتح أى ما يتبخر من ماء عن سطح الأرض أو سطح ماء حر أما النتح فهو تبخر الماء من سطح النبات .
و لكى نفهم معنى الجفاف ببساطة فأن الرطوبة الموجودة فى البيئة هى عبارة عن ماء التساقط مطروحا منة البخرنتح و لنا أن نتخيل الصحراء صيفا حين ينعدم كليا تساقط المطر بينما فى نفس الوقت يبلغ البخر نتح أقصى مداة و نلاحظ هنا أن سعة البخر نتح ( أمكانية حدوث البخرنتح ) هى أكبر من البخرنتح الفعلى ( بخرنتح الماء الموجود فعلا ) . و هنا يسأل سائل و ما علاقة هذا بالزراعة ؟
العلاقة مباشرة و أساسية أى لها أهمية أولى لأن ما يحتاجة النبات من ماء رى يمتصة من تربة مزروع بها يساوى ما ينتحة هذا النبات من ماء عدا 1 - 2 % من تلك الكمية هى فقط التى تدخل فى تركيب جسم النبات .
لذا تختلف أحتياجات الرى من منطقة لأخرى و تختلف أيضا من فصل لآخر من فصول السنة داخل المنطقة الواحدة حين تتزايد أحتياجات الرى لأقصى أحتياج ( بييك أيريجاشن ريكويرمنت بى أى أر ) عندما يكون البخرنتح أكبر ما يمكن كما يحدث فى شهر يوليو وكمثال تكون أقصى أحتياجات رى للزيتون المنزرع بالساحل الشمالى الغربى لمصر فى شهر يوليو حين يكون أجمالى البخرنتح طوال الشهر 206 ملليمتر فيحتاج الفدان المروى بالتنقيط 462 متر مكعب مياة فى شهر يوليو بمعدل 15,4 متر مكعب ماء يوميا للفدان .
أذا ليس صحيحا أن زراعة الصحراء هى مجرد أستصلاح لأن بيئة الصحراء مثلها مثل أى بيئة أخرى لها مجموعة مميزات و لها مجموعة عيوب و لزراعتها علينا تفهمها بجميع خصائصها من مزايا و عيوب و على ذلك يكون أختصار زراعة الصحراء فى أستصلاحها مفهوم قاصر خاطئ لأن الصحراء ليست مجرد مجموعة عيوب .
المطر تحسب كميتة و أقل كمية مطر مطلوبة للزراعة المطرية التى تسمى أيضا بعلية أو زراعة جافة تتراوح الكمية بين 400 -600 ملليمتر مطر / سنة و لو قلت كمية المطر عن ذلك سنحتاج لأستكمال مياة الرى من أى مصدر ماء جوفى أو سطحى و يسمى هذا الرى التكميلى .
مصر كمثال لأقل المناطق الصحراوية فى الأمطار و لولا نهر النيل لكانت يبابا فالمنطقة من أسيوط فجنوبا تسجل صفر ملليمتر مطر / سنة كأقل مستوى أمطار فى العالم و عند القاهر يمر خط مطر 25 ملليمتر أما الساحل الشمالى الواقع على البحر المتوسط فبالكاد يتساقط علية ما متوسطة 150 ملليمتر / سنة
كمية المطر ليست هى كل ما يهم بل يساويها فى الأهمية توزيع التساقط على مدار أيام العام أو على الأقل على مدار فصل المطر الشتوى الصحراوى و هو ما لا يحدث .
المطر الصحراوى لة ميزات خاصة فقد يمر أكثر من عام دون تساقط مطر و قد يتساقط مطر فجائى دون مقدمات فى ظاهرة صحراوية تسمى فلاش راين أى مطر كالبرق هذا غير أن كميات المطر الصحراوى لا تتوزع على أيام موسم التساقط فقد تتساقط الكمية بكاملها خلال مرتين أو ثلاثة مرات فقط فى كل العام و أيضا قد تختلف كمية المطر زيادة أو نقصا عن المتوسط السنوى المحصوب غلى أساس أحصاء مطر سنوات طويلة مراعاة لذلك.
الرياح يبلغ أقصى تأثير لها فى الصحارى لأنها مكشوفة بدون غطاء نباتى فيتحقق أقصى تعرض للرياح بما لة من تأثيرات سلبية على النبات المنزرع و كذلك التأثير فى أنجراف التربة لهذا فالقاعدة الراسخة أنة لا توجد زراعة صحراوية ناجحة بدون مصدات رياح لحماية التربة و حماية المزروعات بل أنها وسيلة تحكم بيئى لتعديل المناخ المصغر ( ميكرو كليمت ) أى مناخ الحقل
. كمعلومة هامة فأن أقصى سرعة للرياح تكون عند الخمسين سنتيمتر التى تعلو سطح الأرض مباشرة . تنشأ مصدات الرياح من أشجار يتدرج أرتفاعها نحو الأعلى ثم يتدرج ثانية للأقل أرتفاعا حول منطقة كبيرة يتعدد فيها نطاقات مصدات الرياح أما داخل الحقل الموجود بهذة المنطقة فيوصى بأنشاء المصد فى ثلاثة صفوف متتالية المسافة بينها نصف المتر و تزرع الأشجار بالتبادل أى أن كل شجرة تكون بين منتصف شجرتين من الصف الذى قبلها أو يليها وتكون المسافة بين الشجرة و التى تليها فى الصف الواحد نصف متر أيضا و نختار أشجار المصد من أنواع عالية ما أمكن لأن شجرة المصد تحمى ما خلفها لمسافة تساوى خمس أمثال أرتفاعها و يراعى أن لا تنافس أشجار مصد الرياح نبات الحقل و أن لا تكون ناقلة الأمراض ألية و أنسب النباتات لمصد الرياح هى الكازورينا و الكافور اللتين يصل أرتفاعهما عشرين مترا فتحمى لمسافة مائة متر و على ذلك و حتى نحقق الحماية المطلوبة يجب تقسيم الحقل الى مساحات تساوى كل منها خمسة أفدنة أى أثنين هكتار أى عشرين دونم تحاط بالمصد السابق ذكر مواصفاتة من جميع الجهات .
درجة الحرارة تبلغ أكبر قيمة لها فى الصحراء و هى المسئول الأول عن وجود أعلى قيم بخرنتح فى الصحراء و بالتالى أعلى أحتياجات رى و أعلى قيم فقد المياة بالتبخر .
معدلات التبخر العالية تسبب التمليح الثانوى للتربة حيث يتبخر ماء التربة تاركا خلفة مزيدا من الأملاح فى منطقة أنتشار جذور النبات فتتفاقم مشاكل الملوحة فى الوقت الذى يقل فية غسيل التربة بواسطى الأمطار كما يحدث بالمناطق الرطبة.
لكن توجد لحرارة الصحراء مزايا فالدفء طوال أيام العام يجعل الصحراء صوبة زراعية طبيعية تصلح للزراعة على مدار جميع أيام العام لذلك فالعجب كل العجب من هؤلاء الذين يدعون لأستخدام الصوب الزراعية و أنفاق الزراعة بصفة عامة و الصحيح أن أستخدامها يكون مقيد مرشد لحالات خاصة مثل أستخدمها فى المشاتل أو للأغراض البحثية أو ربما أنتاج خضر شتوية فى الصيف .
من مميزات حرارة الصحراء أنها تسبب النضج المبكر للمحاصيل و من مميزات الحرارة أن أعلى قدرة أمتصاص لمحلول الترية بواسطة النبات تكون فى الدفء عند 25 درجة مؤية و كذلك تحقق أعلى أستفادة من تغذية النبات .
السطوع الضوئى .
تتمتع الصحراء بأعلى سطوع ضوئى على ظهر الأرض فهى مكشوفة تماما لضوء الشمس و الجو يخلو من الغيوم التى تعيق وصول هذا الضوء و سطح الأرض ذى اللون الفاتح ما هو ألا مرآة هائلة المساحة تغطى كامل الأرض فتعكس الضوء بما يضاعف سطوعة . الضوء عبارة عن طاقة .
صبغ الكلوروفيل الأخضر ( يوجد منة أربعة أنواع ) يمتص أطياف ( حيز ترددات ) الضوء الأخضر و يستخدمة النبات فى تفاعل أنشطارى لشطر جزيئ الماء و تحرير ذرتى الهيدروجين و ذرة الأكسجين المرتبطين معا فى جزيئ الماء و من ثم يستخدموا فى عملية بناء جزيئ سكر الجلوكوز و منة يتخلق داخل النبات كافة أنواع السكر و النشا و الدهن و البروتين التى يحتاجها النبات و كذا الفيتامينات و الهرمونات و الأنزيمات و تسمى تلك العملية الهامة البناء الضوئى الذى يتحرر فيها كميات أكسجين تنطلق فى البيئة و الصحراء تحقق أعلى مستويات البناء الضوئى و التبكير فى نضج المحاصيل .
الطاقة الضوئية عندما تسقط على الأجسام فمصيرها واحدا من ثلاثة فأما أن تعكسها الأجسام كما تفعل المرايا مصقولة السطح و أما تنفذ خلال الأجسام كما يحدث بالأجسام الشفافة و أما أن تمتص الأجسام طاقة الضوء كما يحدث فى الأجسام سوداء اللون.
طاقة الضوء الممتصة تواجة أحد مصيرين بأن تكتسب الألكترونات هذة الطاقة فتحدث تغيرات بالمادة أو فى الغلب فأن معظم طاقة الضوء التى تمتصعا الأجسام تتحول الى طاقة حرارية ترفع درجة حرارة الأجسام . كلما زاد السطوع الضوئى كلما زاد البخرنتح كلما زادت أحتياجات النبات لماء الرى .
التربة الصحراوية خفيفة كثافتها أقل من التربة الطينية مكونة من حبيبات منفردة مفككة عديمة البناء مسامها واسعة ضعيفة الأمساك بالماء تصرفة خلال ساعتين بينما يستغرق الصرف فى التربة الطينية يومين و حبيبات تربة الصحراء الخاملة كيميائيا فى معظمها لا تتشرب الماء بينما يتشرب الطين عشرين مثل من حجمة ماء و تتشرب المادة العضوية مائتيى مثل حجمها ماء لذلك يتزايد فقد الماء بالترشح فى تربة الصحراء علاوة على فقدة بالبخرنتح السابق ذكرة و فى نفس الوقت تزداد أحتياجات الرى فى الصحراء كل هذا علاوة على ندرة الماء بالصحراء و هو ما يترتب علية ندرة الغطاء النباتى و الحياة و بالتالى تخلو تربة الصحراء من المادة العضوية و أن وجدت فأنها تستهلك بأسرع ما يمكن فى مناخ الصحراء .
و تربة الصحراء كلسية تغلب فيها مركبات الكالسيوم و أراضيها ذات رقم حموضة ( رقم بى أتش ) 7 فأعلى .
حبيبات التربة الصحراوية كبيرة الحجم غير النشطة عديمة الشحنات الكهربية لا تجذب الى سطحها مغذيات النبات كما يفعل الطين و أكثر منة المادة العضوية فيقال أن السعة التبادلية الكاتيونية للأرض الصحراوية منخفضة و أضافة لقلة المغذيات التى تفتقر أليها الصحراء وراثيا تقل نسبيا خصوبة الصحراء و الخصوبة لا تعنى توفر الغذاء فقط بل تعنى أيضا تيسيرة للنبات الذى تساعد عليه سعة تبادل الكاتيونات . مناخ و تربة الصحراء يفرضان ضرورة الرى بالتنقيط و الرى بالرش فرضا .